فرسان نيوز
سلامة الدرعاوي
تقرير مالية النواب حول مشروع قانون موازنة العام 2015 جاء أشبه بدراسة رصد لمالية الدولة للسنة الحالية، بحيث جعلت النواب في حيرة من أمرهم، بين رفض الموازنة أو قبلوها.
في النقاط المفصلية؛ جاءت توصيات النواب عامة دونما أي توجيه، وتركت الأمر للحكومة التي تنظر للتقرير باعتبار أنه جزء مكمل لخطاب وزير المالية وليس جزءا رقابيا عليه كما هو في الأصل الذي منحه الدستور للسطلة التشريعية.
مالية النواب لا ترى أبدا أن فرضية 100 دولار لبرميل النفط صحيحة، وتوصي بـ60 دولارا كسعر افتراضي عادل للنفط في سنة 2015، لكن يبقى السؤال المطروح، إذا كان هناك تحالف بين النواب والحكومة في هذا الأمر، فلماذا لم تقم اللجنة بالطلب من النواب مباشرة بتغيير تلك التوصية فعلا في مشروع قانون الموازنة؟.
اللجنة رأت أن انخفاض النفط سيترك آثارا إيجابية على الاقتصاد الوطني، خاصة فيما يتعلق بالنمو وزيادة الإنتاج وارتفاع الاستهلاك الذي تشير اللجنة في تقريرها إلى أنه سينمو بمعدلات تترواح بين 8-10 بالمائة، وهو ما يؤكد أن الايرادات الضريبية على المحروقات ستنمو ولن تقل كما تقول الحكومة، لا بل إن تقرير اللجنة يقول إن إيرادات الضريبة على النفط ستنخفض بمقدار 161.1 مليون دينار، وهو ما يشكل تناقضا واضحا بين رأي اللجنة حول زيادة الاستهلاك، وما تدعيه هي والحكومة حول تراجع إيرادات الضريبة على المحروقات.
تقرير اللجنة أشار إلى أنه يوجد الكثير من المخصصات التي لن يتم صرفها في العام 2015 نتيجة هبوط النفط بأكثر من 40 بالمائة مثل دفعات التعويضات النقدي ومخصصات دعم الخبز وقيمة فاتورة المحروقات للجهاز الرسمي وجزء من مخصصات المعونة الوطنية، وغيرها من البنود التي ارتبط وجودها أساسا بنمو أسعار النفط بشكل جنوني، لكن الغريب في الأمر أن اللجنة رصدت هذه الظاهرة دون التطرق الى سبل العلاج في توصياتها، وكأنها تقول للرأي العام أننا نعرف أن هذه المخصصات غير حقيقية وأن الامر بيد الحكومة لتفعل ما تشاء بها، أما نحن النواب فليس لنا علاقة بالأمر لا من قريب ولا من بعيد.
اللجنة اعترفت فعلا بأزمة المديونية، وأنها تجاوزت قانون الدين العام وبلغت نسبتها الآن الـ83 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، وهي تعترف أيضا بمخالفة الحكومة لقانون الدين، ومع ذلك تركت الامر مفتوحا على مصراعيه للنواب دون اي توصية حقيقية لاجراءات فعلية تجاه هذا الامر، الذي يشكل كابوسا على الاقتصاد الوطني، واكتفت بدعوة الحكومة الى إعداد استراتيجية للتعامل مع الملف خلال العامين المقبلين فقط.
أغلب التوصيات الـ36 في تقرير اللجنة المالية جاءت بالعموميات والتمنيات لا أكثر، وغالبيتها في الحقيقة توصيات مكررة صالحة لكل زمان ومكان، وقد ملّ المواطن من سماعها، والكل كان بانتظار مناقشة الحسابات المالية لسنة 2014 قبل الشروع في موازنة 2015، حتى يتسنى للنواب معرفة حقيقة مدى التزام الحكومة بماورد في قانون الدولة المالي للعام الماضي قبل مناقشة مالية العام الحالي، وكأن اللجنة تكافئ الحكومة مسبقا على إنجازاتها في العام 2014.

ليست هناك تعليقات :