بقلم الدكتور ثابت المومني
تعتبر واحة الازرق من اهم مناطق التراث السياحي والبيئي الطبيعي في الاردن : هذه المنطقة التي كانت تزخر بكل ما هو نادر في الطيور والاسماك والحيونات باتت صحراء قاحلة باستثناء بركة صغيرة اطلق عليها محمية الازرق المائية .
لقد كانت منطقة الازرق بواحاتها محجا للسياحة المحلية وخصوصا طلبة المدارس قبل ان تشرع الحكومات الاردنية بتدمير هذه الواحة عن قصد او جهل لا ادري.
لقد كانت واحة الازرق القديمة تقبع على حوض الأزرق المائي والذي يعتبر من اكبر الأحواض المائية والذي يمتد من سورية شمالا وحتى الحدود السعودية جنوبا في عرض الاراضي الاردنية ، ليتربع ويصبح من اكبر الأحواض المائية في الأردن.
لقد شرعت الحكومات الاردنية بضخ مياه الازرق الى كل من عمان والزرقاء لسد النقص في مياه الشرب للسكان في هذه المدن وبعملية ضخ جائر وبشكل مستمر الامر الذي ادى الى انخفاض مناسيب المياه وجفاف هذه الواحات مما ادي الى احداث خلل كبير في التوازنات البيئية في المنطقة التي كانت تعتبر مركز لتجمع مئآت الاصناف من الطيور الماجرة عبر العالم اضافة لاحتضان مياه الازرق للسمك السرحاني الفريد.
واحة الازرق اصحبت اليوم مجرد ذكريات الا من محمية الازرق المائية الاصطناعية والتي لا تمثل اكثر من 10-12% من مساحة المسطحات المائية الاصلية في الازرق.
لقد استغرقت الحكومات دقائق مع كميات قليلة من الحبر لتصدر قرارها بضخ مياه الازرق الى العاصمة ولكن هذه الحكومات لم تدرك انها تقوم بتدمير ثروة طبيعية لا يمكان اعادتها الى وضعها الطبيعي اطلاقا.
لقد احتاجت الحكومات الاردنية لاقل من عقد لتدمير واحة الازرق وتدمير خزانات المياه الجوفية فيها من خلال عمليات ضخ جائر وان عملية اعادة احياء هذه الخزانات واعادة الواحة الى سابق عهدها بما يكفل عودة التوازن البيئي اليها قد يحتاج الى اكثر من 100 عام وربما اكثر!!!
ان ما حدث في واحة الازرق هي جريمة بحكم الاخلاق والانتماء الصادق لهذا الوطن وان مثل هذه الكارثة ما كانت لتقع لو ان ادارة ناجعة لموارد المياه كانت حيز التنفيذ.
هذا واقع حال عملية الادارة المتكاملة لمواردنا المائية والبيئية في الاردن حيث تجد ان مسؤولين كبار ومتخصصي وبكل اسف يجهلون ماهية وفقه ادارة موارد المياه.
لقد ساءني في لقاء لاحد كبار المسؤولين في حوار ودي حول مفهوم اقتصاد المياه ودوره في ادارة الموارد المائية بشكل فاعل ليتمخط جمل هذا المسؤول ويلد فأرا.
نعم ، فلقد تمخض هذا المسؤول ليفيدني بان المقصود باقتصاد المياه هو عملية ترشيد استهلاك المياه من خلال عمليات توعية للمجتمعات والطلبة وربات البيوت.
ان مثل هذه العبقرية التي خرج فيها هذا المسؤول جعلتني اشعر بالغثيان حيث ان اقتصاد المياه لهو مفهوم كبير تقوم على اساسة الادارة المتكاملة لموارد المياه في اي بلد متحضر.
ان ادارة موارد المياه لهي عملية تحتاج الى ارادة على مستوى صاحب القرار على المستويين العلمي والمهني حيث نجد ان بعض جامعاتنا لا زالت لا تدرك اهمية اعداد جيل متعلم متخصص في ادارة موارد المياه بما يكفل الخروج باستراتيجيات وخطط تكفل تأمين الاجيال القادمة بحاجاتهم من المياه ضمن الموارد الطبيعية المتاحه.
ان تدمير واحة الازرق لاجل تامين مدن عمان والزرقاء بحاجتها من مياه الشرب لهو قرار يفتقر الى الادراك باهمية الادارة الجيده لهذا المورد المائي العام.
ماحدث في الازرق لم يكن الوحيد ولم يكن الاول ولا الاخير في ظل تخبط الجهات الحكومية في سياسة تلبيس الطواقي في مسالة المياه ، فلا يعقل تدمير خزانات الازرق الجوفية لاجل سقاية عمان حيث ان الحلول كثير لو كان هناك من يفقه قولي ودمتم.
ليست هناك تعليقات :